كيف بدأ يضيع الإحساس:
يعتبر الإحساس أحد الصفات البشرية المهمة التي يمكن أن يمتلكها الإنسان، وهو ذات أهمية بالغة في بناء حياةٍ سليمة نفسياً وعاطفياً. ومن المؤسف أن نرى كيف بدأنا نفقد إحساسنا كبشر، فما هي الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا الضياع!؟
تعود الأسباب إلى "الحياة الحديثة" التي نعيشها، فكثرة المسؤوليات والضغوط النفسية فرضت نمطاً حياتياً جديداً على الإنسان، حيث بدأ ينصرف إلى التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي للتعامل مع هذه الحالة من الضغوط. هذا الانشغال الدائم بالتكنولوجيا والمواقع الاجتماعية، جعل الإنسان يفقد التواصل الحقيقي مع نفسه ومع الآخرين، وبالتالي فقد ترابطه الاجتماعي وتعبيره عن مشاعره الحقيقية. إضافة لذلك، بدأ الإنسان يشعر بالانفصال عن الطبيعة والعالم المحيط به، فقد استبدل الغابات والأشجار بمباني المدن الحضرية، بدأ يشعر بالملل والضيق النفسي!
لذا، يجب على الإنسان أن يعيد بناء علاقته بالطبيعة ويسترد إحساسه الحقيقي بالتواصل مع الآخرين ومع نفسه. يجب علينا أن نقوم بالتقليل من استخدام التكنولوجيا وزيادة الوقت الذي نقضيه بالتجول في الطبيعة والتفاعل معها. كما يجب علينا أن نفكر في إلغاء بعض المسؤوليات الزائدة والتخلص من بعض الضغوط والتوترات التي تعيقنا عن التعامل بشكل صحيح مع بعضنا البعض.
بالتالي، يمكننا القول أن فقدان الإحساس كبشر هو مشكلة جدية تؤثر على حياتنا النفسية والعاطفية، ولإيجاد حلول يجب علينا أن نعود إلى الطبيعة ونتخلى عن بعض العادات والمسؤوليات الزائدة التي استبدلت علاقتنا الحقيقية بالآخرين. فيجب علينا بذل المزيد من الجهد والتركيز على إعادة الاتصال بأنفسنا والعودة لتواصل حقيقي مع الآخرين.
بدأت مؤخراً أشعر أخيراً بأن الناس يفقدون شعورهم بنفسهم وبالآخرين. نعيش في عالم سرعة وتحولات، ويبدو أن كل شيء يتحول إلى أرقام وإحصائيات. لا يهم إذا كانت الأرقام تعبر عن النجاح أو الفشل، يبدو أنها تحدد الشعور بالذات والقدرات. و يبدو أن المزيج بين التكنولوجيا و العولمة يزيد من هذا الشعور.
في كثير من الأحيان، ننظر إلى الآخرين وكأنهم أرقام أيضاً، ونتدرج في أنظمة تحدد قيمتهم وفقًا لمعايير تكنولوجية أو اقتصادية، وننسى أن الجوهر الحقيقي للإنسانية هو الحب، والصداقة، والتفاهم، والسعادة والحاجة الإنسانية الأساسية للمحبة والاهتمام.
هذا ليس من شأنه تقليل قابلية الأرقام والإحصائيات، ولكن يظهر الأمر أننا نتحول لنضع الأرقام كأولوية، وننسى الجوانب الأكثر إنسانية للناس. يبدو أن التكنولوجيا والعولمة بشكل عام تساعد في تعميق هذا الاتجاه، حيث يتم مساندة هذا التحول من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية، وإعادة التدوير المستمر لأغراض التسويق.
نحن سيتعين علينا أن نحترم الأساسيات لمفهوم الإنسانية، ونتذكر أن الحل هو في الشعور بربط الناس، وأننا جميعا متصلون بالآخرين، ونحن بذلك نحافظ على الشعور بالتعديل والتواصل المضمون المباشر.