أن تكون وحيداً:
في فترة من حياتي كنت أعيش وحيدًا لمدة ثلاث سنوات، هذا ما سأرويه لكم من خلال هذا المقال. يقال ان الإنسان يتكون من المشاعر والأحاسيس، وأعتقد أن تجربتي التي عشتها منذ خمس سنوات مضت تبين ذلك بشكل واضح.
بدأت قصتي منذ خمسة سنوات، حينما قررت تغيير المسار الذي أمضي على دربه منذ تخرجي من الثانوية. كنت لا أستمتع بما استعمل مهنتي الباهته، حيث تحولت إلى موظف في إحدى الشركات.
في تلك الفترة انفصلت عن أصدقائي وأهلي، وأصبحت أعيش بمفردي في شكلي الصغير. كان هذا القرار صعباً علي، لكني كنت عازماً على تحقيق هدفي الذي كنت أراه صعب التحقيق ومستحيلاً أن تكون مستقلاً ذاتيًا. تعايشت مع الفكرة المزعجة بأنني لا أستطيع عيش حياة مستقلة وآمنة بعيدًا عن أهلي وأصدقائي. لقد كنت على علم بأن الشعور بالوحدة يمكن أن يرهق الإنسان حتى يشعر بالضياع واليأس. لكني لم أكن مستعداً للتخلي عن حلمي الذي كنت أسعى لتحقيقه منذ أن كنت صغيراً.
ومع مرور الأيام، تعودت على العيش وحدي وبدأت أتأقلم مع الوضع الجديد. لقد اكتشفت أن الوحدة ليست دائماً علامة على الشؤم وأنه يمكنك بناء حياة جديدة ومستقلة بدون الاعتماد على الآخرين.
ومن خلال هذه التجربة، تعلمت أهمية إقامة علاقات اجتماعية جيدة وبناء صداقات قوية تستند إلى المحبة والاحترام المتبادل فربما لو حاولت التعايش مع الآخرين أكثر وأسعي لبناء جسور تواصل جديدة لم أمر بتلك التجربة القاسية.
وأثناء تلك الفترة قضيت معظم وقتي بين العمل وقراءة الكتب ومتابعة شغفي بكتابة المقالات والقصص القصيرة والروايات. كانت تلك تنمو بداخلي ببطء وبرفق مع مرور الزمن. لقد تعلمت أيضاً أن الوحدة لا تعني دائماً الحزن والأسى بل أنها تمنحنا الفرصة للتفكير والتأمل في حياتنا ومعرفة أنفسنا بشكل أعمق وأفضل. بعد ثلاث سنوات من العيش وحيداً، أدركت أن الحياة لا تعدو كونها رحلة نخوضها وحدنا. فنحن نستمتع ونعيش تجارب مختلفة تأخذنا إلى مستويات جديدة وتجعلنا نعيش المزيد من الأوقات السعيدة والحزينة.
في النهاية، لقد تعلمت من تجربتي هذه أن الوحدة ليست نهاية العالم، بل يمكن أن تكون عاملاً في بناء حياة أفضل لنا. الشيء الأكيد الذي لايمكنني أن أنكره، هو أن تلك الثلاث سنوات قد تركت بصمة عميقة على حياتي وغيرتني تمامًا وجعلتني شخصًا جديدًا وأكثر نضوجًا. لاتنسوا أن السير في دروب الوحدة ليس دائما شيئاً سلبياً، بل قد يمكن أن يوفر لنا الفرصة لمعرفة من نحن والأشياء التي نحب عملها ومؤازرتنا.